عطية لاشين يوضح آداب تناول الطعام في الإسلام
قال الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، إن من أداب الطعاه انه إذا دعاه أخوه المؤمن عليه أجاب دعوة أخيه ولو كان صائما، فإن قيل : ما فائدة إجابة الدعوة والمدعو صائم ؟؟ فالجواب أن في تلبية دعوة أخيه ولو كان المدعو صائما في ذلك تقدير لمشاعر أخيه الداعي واحترام له ،وحينئذ على المدعو الصائم أن يشغل نفسه والمدعوون يأكلون بالدعاء لصاحب الدعوة ٠
واستشهد بما روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائما فليصل ( أي فليدع ) وإن كان مفطرا فليطعم )٠
وتابع: فإذا حضرت الدعوة وكنت صائما عليك أن تخبر أخاك الداعي بصيامك حتى لا تذهب به الظنون كل مذهب ،ولا يقع في قلبه شيء منك وإن شعرت لفرط حب الداعي لك أنك إذا أفطرت وأكلت طعامه صار ذلك أطيب لقلبه وأحب إلى نفسه ،كان لك أن تفطر ما لم يكن صيامك واجبا فلا يشرع لك الفطر ٠
وأضاف في تصريحات لـ”مباشر 24″ إن من أداب الطعام أنك إذا دعيت إليه واصطحبت معك صديقا حميما أو جارا حبيبا أو عزيزا لديك كان من الأدب اللائق أن تخبر بذلك صاحب الطعام ،وتعلمه بذلك وهو بعد ذلك مخير بين الإذن له فينضم إلى قافلة المدعوين ،وبين أن لا يأذن وفي حالة عدم الإذن لا حرج على صاحب الطعام لأنه ربما يكون معذورا في عدم الإذن إما لأن الطعام المعد روعي فيه أن يكون لعدد معين او غير ذلك من الأعذار ٠
روى الشيخان عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : دعا رجل النبي صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه خامس خمسة فتبعهم رجل ،فلما بلغ الباب قال له النبي صلى الله عليه وسلم :(إن هذا تبعنا فإن شئت أن تأذن له وأن شئت رجع )قال : بل آذن له يا رسول الله ٠
٣ ومن أداب الطعام أن يأكل الإنسان بثلاثة أصابع ٠
روى الإمام مسلم في صحيحه عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاثة أصابع ،فإذا فرغ لعقها ٠
والثلاثة أصابع التي يأكل بها المسلم : الوسطى والسبابة والإبهام ٠
٣ ومن أداب الطعام عدم الأكل إلى حد الشبع ،وأن يترك الطعام ويقوم وهو في حاجة إليه ٠
روى الترمذي وحسنه والحاكم وصححه من حديث المقدام بن معد يكرب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :(ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ،حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن غلب الآدمي نفسه فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلت لنفسه )٠
وإنما كان التقليل من الأكل أمرا مطلوبا لأن الإكثار منه صفة الكفار ،قال تعالى : (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم )٠
وروى البخاري في صحيحه عن نافع ان ابن عمر كان لا يأكل حتى يؤتى بمسكين يأكل معه فأدخلت (أي أن نافعا أدخل) رجلا يأكل معه فأكل معه كثيرا ،فقال يا نافع :لا تدخل هذا علي سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :المؤمن يأكل في معى واحد ،والكافر يأكل في سبعة أمعاء )٠
واختلف المحدثون في معنى هذا الحديث : فمنهم من صرفه عن ظاهره وقال إن المراد به ضرب المثل في قلة الأكل بالمؤمن وفي كثرته بالكفار ؛لأن المؤمن راغب عن الدنيا زاهد فيها فلذلك يتققل منها اما الكافر فحريص عليها ،طامع فيها ،متشبث بها ،ومن ثم فهو يستكثر منها ٠
ومنهم من رأى أن معني الحديث أن المؤمن يأكل الحلال وهو قليل ،والكافر يأكل الحرام وهو كثير مصادره متعددة ٠
وذهب فريق ثالث ألى أن معنى الحديث أن المؤمن يسمي الله تعالى عند طعامه وشرابه فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل ،والكافر لا يسمي فيشركه الشيطان فلا يكفيه إلا الكثير ٠
وللشبع مضار متعددة : منها أنه يقسي القلب ،ويقلل الحفظ ،ويفسد العقل ،ويةرث البلادة ويعمي البصيرة ،ويكسل الأعضاء عن العبادة ،ويقوي الشهوة فيقع الإنسان في المعاصي ،ويقوي جنود الشيطان ،ويفسد الجسم ،،هذا إذا كان الشبع من الحلال فما ظنك إذا كان من الحرام٠
وفي الجوع صفاء القلب ورقته ،وإيقاد القريحة ،وقوة الفهم ،ونفاذ البصيرة ،وانكسار النفس ،وضعف الهوى والغضب ،وكسر شهوة المعاصي كلها ،والاستيلاء على النفس الأمارة بالسوء ٠