عادل واسيلى .. مصور الغلابة في أحياء مصر

مصر مليئة بالمواهب التي لا يعرف عنها الكثير من كل شبر من أرضها يطوفون شرقها وغربها من أجل التقاط صور تظل محفورة في الذاكرة وتبرز جمال وحضارة مصر في كل مدينة من مدنها، ومن بين هؤلاء المواهب المهندس عادل واسيلى الذي يبحث دائمًا في لقطاته عن المهمشين والغلابة الذين تملئ وجوههم التجاعيد علامات السنين والأيام.

عادل واسيلى هو مصور فوتوغرافى مصرى بدأ كهاوٍ منذ أن تخرج من كلية الهندسة بجامعة عين شمس، وعمل في مجال المعمار، وعندما بدأ هواية التصوير قام بشراء كاميرا على الرغم من أنه لم يكن يعرف عملية تشغيل الكاميرا ت الديجتال، فقام بتعليم نفسه.

ويرى أن المكتبة العربية في التصوير والفنون ضعفية للغاية وإمكانياتها قليلة، لكن من حسن حظه أن لغتيه الفرنسية والإنجليزية ساعدته على كيفية تشغيل الكاميرا، وبدأ في التقاط الصور من كل مكان يسير فيه حتى توطدت علاقته بالتصوير ثم احترفه بجانب عمله في مجال المعمار الذي ساعده كثيرًا على التقاط الصور من زوايا مختلفة ومتمزة.

وفي بداية هوايته كمصور كان يلتقط صور فوتوغرافية بجانب مقاطع فيديو مصورة إلا أنه فضل فيما بعد التقاط الصور الفوتوغرافية التي تعبر عن الغلابة والمهمشين وكان يستمتع بها ويستهويه هذا النوع من التصوير.

تجول واسيلي في معظم محافظات مصريلتقط بكاميراته زوايا مختلفة من المناطق الشعبية والأثرية التي تجسد معاناة الغلابة وتبرز حضارة مصر، ومن أكثر الأماكن التي التقط بها صورًا الصعيد والإسكندرية  فهما من وجهة نظره كنز رائع ومن الأماكن المحببة لقلبه.

ويرى” واسيلى” إن مصر بها كنوز كثيرة في التصوير ليست متمثلة في الآثار فقط، فالتراث العماري الذي تركه الأجداد في العصور الحديثة وليس الفراعنة إضافة إلى الناس فهم الكنز الأعظم منجم ذهب، فلا يوجد مصور فوتوغرافي يصور جزء معين، فالتصوير أنواع كثيرة ويفضل أكثر تصوير الشارع والأشخاص الذين يسيرون في الشوارع والقطع الخشبية وغيرها من التحف الموجودة في المكان.

وعندما يقوم المصور عادل بتصوير عمارة أو فرد أو منظر طبيعي أو شارع يصور باحساسه وعلاقته بما يراه ومن وجهة نظره  “لو الاحساس بداخله جميل فالصورة جميلة” ويرى ضرورة تعليم التكنيك فهو مهم ومن المفترض أن يعرف المصور التكنيك ويتعامل معه، ولو لم يحب المصور مكان ما لم يستطيع أن يصوره ففكرة الحب تخرج في الصورة وتعطيها روح.

ويقول المصور المحترف إنه لا يوجد مصور تخرج كل صوره جيدة ورائعة، ولكن الفنان يمر بمراحل مختلفة ومتطورة وكل مرحلة لها احساسها ورؤيتها ونظرتها في الحياة فكلما ينضج الإنسان كلما يرى أمور لم يراها من قبل من خلال مجال التصوير والأولويات، فلو أحب المكان سوف يخرج منه روح وجمال المكان والناس.

ويصوب واسيلى دائما كاميرته نحو المهمشين والغلابة  لالتقاط صورًا لهم فيرى أنهم طبعيين وعلى فطرتهم، والاحساس بهم أكثر، والمهمشين والكادحين يرى فيهم تراكم زمني وخبرة سنية موجودة على وجوههم، فعندما يرى فيهم تجاعيد الزمن التي توجد على وجه رجل عجوز أو امرأة عجوزة أو فرحة شاب صغير فكل مرحلة مختلفة تمتعه في التصوير.

وأما عن مجموعة الصورة الأخيرة بعنوان “يا مهون” التى لم يضع لها عنوان أو كتابة تحت كل صورة، فيرى أن كل صورة هي لغة في حد ذاتها فالصورة تغني عن مائة ألف كلمة، وموضحًا أن اختياره للعنوان ” يا مهون” أن لها معاني كثيرة واحد مهمش في الدنيا أو كادح في الحياة أو مرتاح ماديًا ولكن عنده ظروف قوية يقول يا مهون.

وعندما يقوم بالتصوير في المحافظات في قنا وأسوان يشعر بأن التصوير اعمق في الشوارع القديمة مع البسطاء، فقدم المكان يساوي على حد تعبيره تراكم معيشي وقدمي فقد عاش فيه ناس عشرات السنين وفيه روح الناس الذين غادروا الحياة، فتصوير المناطق القديمة عشق له.

وأما عن المناطق السياحية فهى لا تستهوي واسيلي  في التصوير مثل المناطق الشعبية والقديمة، فهى مجرد أماكن للتذكير والذكريات، وأكثر ما يجذبه تصوير تفاصيل الشوارع والمباني والوجوه  والمقابض، والزخارف المعمارية التي يعشق تصويرها في شبرا والفجالة والسيدة زينب وغيرها فكل مكان به قدم يعطه قيمة أعلى، فزحمة الحياة والناس ربما تكون سبب في عدم التدقيق في هذه الأماكن بشكل جيد فهو يحاول نقل الجمال المتراكم والمتوارث عن طريق الفوتوغرافيا للناس.

وعقد واسيلي عدد من المعارض التى تعمقت فى قلب مصر وتفاصيلها موضحا ثراء الإنسان المصرى، في معظم محافظات مصر في القاهرة والإسكندرية والمنيا وقنا وأسيوط والأقصر وأسوان، إضافة إلى معارض خارجية في فرنسا وألمانيا وكندا.

ولم يقتصر عمل واسيلي على الهندسة والتصوير فقط، بل قام بتأليف عدد من الكتب، والكتاب كما يقول هو وثيقة تاريخية موجودة، من ابرز كتبه: كتاب حياة الميدان بالتعاون مع صندوق التمنية الثقافية كان عن رؤية الحياة الاجتماعية في ميدان التحرير، وكتاب آخر عن “سكة الطير” بالتعاون مع الكاتبة مليحة المسلماني، كما شاركت في كتب جماعية مختلفة، وأعد كتاب عن فترة القاهرة في زمن الكورونا حيث كان يصور الطرق والشوارع ومعالم البلد وهي مصابة بالوباء وهو عبارة عن مجموعة صور ملونة  كتب مقدمته الدكتور نبيل عبد الفتاح، وصمم غلافه أحمد اللباد، ويقول واسيلي أن صوره تطرح أسئلة يجاوب عليها المتلقي، ويرى أن الفن يفتح أفكار ورؤى وحوار.

واسيلى لم تقف مهمته عند التصوير والهندسة والتأليف فقط، بل قام بنتظيم العديد من ورش تعليم فن التصوير عن طريق الكاميرا الديجتيال عن التكنيك في مجال التصوير، ويرى أن القراءة والثقافة هما سلاح المصور لأنها سيتفحان له مجالات عدة من حيث التقاط الصور.

وأما عن المعوقات التي واجهته أثناء مهمة التصوير، فأكد أن هناك مشكلة قابلته أن التصوير في الشارع ممنوع إلا في حالة ترخيص والأكد من هوية المصور واستخراج بطاقته للمسؤولين مهمة صعبة بالنسبة له كانت يرى أنه لابد أن يتعاطى الجميع الفن وتسهل مهمة المصور فمن حق كل شخص التصوير والتمتع بمعالم مصر الحضارية، كما طالب بعودة حصص الفن في المدارس، كما ينبغى ضرورة تتعاطى الناس للفن، فالفن أوسع من الدراما التليفزيونية والسينما على حد تعبيره.

وفيما يخص التقاط صور الغلابة فأوضح أنه يقوم بالتقاط الصورة أولًا ثم يريها لمن قام بتصويره وله الحق في الرفض أو القبول، وطالب الدولة بتبينى  فكرة التصوير للموهوبين وتخصيص يوم للتصوير من كل أسبوع كل بكاميرته في الفجالة أو الحسين أو غيرها من الأماكن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى