“صورة الجد” .. قصة قصيرة في “دوائر من حرير”

كل ما حرص عليه جدي، أن يعتنوا بصورته؛ صورته وهو المقاتل القديم، كأن يضعوها في مكان بارز يراه الزوار من سكان المدينة كلهم. يبدو جدي وكأنه تفرغ لتلك المهمة، أن يحيل الصورة إلى كائن حي بينهم، طاغ في حضوره وفي غيبته.

طلب أن يضعوها فوق مقعد الصدارة.. حول الموائد.. وبحجرة استقبال الضيوف؛ حتى شعروا بحرارة جسده فوق أسرتهم، فبدأوا بالبحث تحت جلاليبهم وجلبابهن قبل الخلود إلى النوم، وفى الصباح تهمس النسوة بغرائب الأحوال حدث مع الغفوة؟!

فلما بلغ الهمس والنميمة أذن العجوز، قرر أن ينقل صوره كلها ﺇلى غرفة نومه، ويكتفي بواحدة منها، انتهت المهمة، ذهب الجميع، إلا من الجد الذي فضل أن يبقى نهار يومه وليلته، برفقة صورة البطل وحده، فلما فتحوا عليه باب الغرفة في الصباح الجديد، نالت منهم الدهشة: صغر حجم جدي وبات أقصر طولا، ونحيفًا أكثر. لكنهم فشلوا في إقناعه، أن يخرج من غرفته.

تشاوروا في الأمر، كان قرارهم أن يتركوا العجوز جدي على راحته.. يومًا بعد يوم يتابعونه، الأمر الوحيد اللافت؛ أن جدي بدا أقصر طولا وأكثر نحافة., أكثر كثيرا عما قبل!لخطورة الأمر أحضروا الأطباء من كل التخصصات.. فشل الطب والأطباء، الجد يتضاءل بشكل لافت، كل أعضائه تخبو إلا صوته!

وبقي موضوع صوته المرتفع الذي يعبر عن عنفوان وقوة ما بعدها قوة، وبدأ يأمرهم بأمر غريب: أن يضعوه على البرواز الذهبي الذى يحيط بالصور، تم له ما أراد فحجمه أصبح بحجم الفأر، ومع ذلك لم يحزن أحدهم، المشهد الذي جعلهم يبكون أخيرًا.. يوم أن أصبح في حجم النملة وصوته أعلا مما قبل؟!

الجد.. قصة قصيرة من رواية “دوائر من حرير” للكاتب الروائي الدكتور السيد نجم