رئيس هيئة الإفتاء بنيجيريا: عصرنا مليئ بالتحديات المتجددة والمتنوعة

قال الشيخ الشريف إبراهيم صالح الحسيني، رئيس هيئة الإفتاء، والمجلس الإسلامي النيجيري، عضو الرابطة العالمية لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وعضو مجلس حكماء المسلمين، إن الله تبارك وتعالى قال  في كتابه العزيز: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ)، ويقول أيضا: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

وأضاف على هامش مؤتمر دار الإفتاء:” الفتوى وأهداف التنمية المستدامة” الذي عقد خلال الأيام الماضية بفندق الماسة، لقد أرسل الله تعالى، الرسل والأنبياء ليبينوا للناس شرائع ربهم، وكانت خاتمة الرسالات هي رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي جاء بهذا الدين الإسلامي العظيم، وبكتاب الله الكريم الذي بين الحق تبارك وتعالى، فيه كل ما يتعلق بهذا الكون وما فيه، وما يتعلق بالدار الآخرة.

وتابع: لقد جمع الله لهذه الأمة الإرث المستدام لجميع خيرات الأرض فقال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ *  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).

وأوضح أنه لما كان العلماء ورثة الأنبياء في التبيلغ والبيان للناس عن رب العالمين، كان لعلماء الإسلام على مر العصور، واختلاف الأمكنة أدوار  عظيمة في تبليغ أحكام الإسلام، وإصدار الفتاوى التي تتعلق بقضايا الحياة الخاصة، والعامة على ضوء الثوابت الدينية مع مراعاة اختلاف الأحوال، والأزمنة، والأمكنة، والتي تضمن الالتزام الصارم بأحكام الإسلام، وتحقق مصالح العباد مع اختلاف بلدانهم.

ولذلك تعددت الفتاوى الأصيلة المحُقَّقة من أولي العلم الراسخين، فكانت فتاواهم المؤيدة بالكتاب والسنة، مظهرا من مظاهر الرحمة لهذه الأمة، أسهمت في تحقيق الأمن، والسلام، والاستقرار في البلدان، ووثقت العلاقة بين الراعي والرعية، وقوت أواصر المحبة، والإخاء، والتعاون، بين الأفراد في المجتمع، وكذلك بين الأمم والشعوب، فقاموا بحق النيابة عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأكد أنه في عصرنا الحاضر المليئ بالتحديات المتجددة والمتنوعة، وفي الوقت الذي تقدمت فيه البشرية في مجال العلوم الطبيعية، واكتشاف واستغلال المزيد من االموارد الطبيعية في باطن الأرض، وخارجها، وفي البحار، وكذلك التطور الكبير في استغلال الموارد البشرية، مع ظهور التقنيات الحديثة في تداول المعلومات، ووسائل الإعلام المختلفة والسريعة سرعة البرق، كل ذلك  أحدث ثورة ونقلة غير مسبوقة في الحياة العامة للناس وألقت بظلالها على المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وفي العمران. وتزامنت هذه الأمور المستجدة مع ظهور مصطلح ” التنمية المستدامة” كهدف يسعى أولو الأمر إلى تحقيقه في جميع البلدان بصرف النظر عن الدين، أو العرق، أو اللون، أو حتى عن أشكال أنظمة الحكم في مختلف البلدان.

وأوضح أن التنمية المستدامة هي عملية تطوير الأرض والمدن، واستغلال الموارد الطبيعية والبيئية، وتطوير المجتمعات، وكذلك الأعمال التجارية بشرط أن تلبي احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها.

“ويرى أن التنمية المستدامة هي إدارة، وحماية قاعدة الموارد الطبيعية وتوجيه التغير التقني والمؤسسي بطريقة تضمن تحقيق واستمرار إرضاء الحاجات البشرية للأجيال الحالية والمستقبلية. إن تلك التنمية المستدامة (في الزراعة والغابات والمصادر السمكية) تحمي الأرض والمياه والمصادر الوراثية النباتية والحيوانية ولا تضر بالبيئة وتتسم بأنها ملائمة من الناحية الفنية ومناسبة من الناحية الاقتصادية ومقبولة من الناحية الاجتماعية”. بحيث يستفيد منها كل أفراد المجتمع مع مراعاة المساواة بين جميع الطبقات، وتمامالمشاركة بين الرجل والمرأة في مجال العمل والوظائف الاجتماعية مع الأخذ في الاعتبار بالفوارق الأساسية بين الرجل والمرأة،  والقادر والعاجز لأسباب طارئة.