“تزوج عن طريق الخطأ”.. حكايات من حياة يحيي حقي

كتبت: عايدة عبد العزيز

عاصر يحي حقي العصر الملكي وعمل بالسلك الدبلوماسي في جدة عام 1929 ثم نقل منها إلى إستنبول عام 1930م، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك حتى عام 1934؛ بعدها نقل إلى القنصلية المصرية في روما، التي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر عام 1939م؛ إذ عاد بعد ذلك إلى القاهرة ليعمل في وزارة الخارجية حتى عام 1949م ؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيرًا أول للسفارة المصرية في باريس، ثم مستشارًا في سفارة مصر بأنقرة من عام 1952 وبقى بها عامين، فوزيرًا مفوضًا في ليبيا عام 1953.

دعا بالرسوب على أحد زملائه ومحامي يهودي أكل حقوقه

يحكي الكاتب الصحفي إبراهيم عبد العزيز:” كان يحيى حقي يعتبر المحاماة “جمباز المخ” ولذلك أقبل على دراسة الحقوق، وجاء ترتيبه الرابع عشر على دفعته الـ 150، وعندما أرسلوا بعثة إلى فرنسا من أربعة خريجين، كان هو مرشحاً احتياطيا، لدرجة أنه وجد نفسه يدعو على أحدهم بالرسوب في الكشف الطبي، كي يأخذ مكانه، فقد كان لديه أمل لأن يكون ضمن البعثة، حتى أنه ذهب إلى ميناء الإسكندرية لتوديع زملائه الذين ذهبوا للبعثة، كأنما يودع أملا ضاع منه.

عمل يحيى حقي محامياً تحت التمرين في مكتب محامي يهودي، لكنه لم يستطع الاستمرار معه طويلاً، فقد كرهه وكره بخله، فقد أكل حقوقه المادية التي كان يستحقها عن فترة عمله القصيرة معه.

تزوج عن طريق الخطأ

يواصل:” حينما كان حقي سكرتيرا ثالثاً في الإدارة الاقتصادية لوزارة الخارجية، جعل يشيع بين زملائه رغبته في الزواج من فتاة صالون وأدب ولغة أجنبية، حتى عرفه صديق له في الإدارة على صديق آخر يعرف أسرة في المعادي، لها فتاة تنطبق عليها المواصفات، ورتب له موعداً في نادي المعادي، حتى حصل المراد، وكان كل ما يهم حقي أن يأخذ موافقة صريحة من فتاته، خاصة بعد أن استعرض نفسه أمامها باعتباره قصير وهي طويلة، لكن الأمور جرت كما يجب وينبغي، وعندما دعا حقي وسيطه للزواج لحضور مراسم الخطبة،فوجئ به يهمس له بأنها ليست الفتاة التي كان يقصدها، إذن فقد تزوج بطريق الخطأ، لكنه لم يعتبر ذلك صدمة له، بل كان يقول : “إنه أجمل خطأ في حياتي”، لكن سعادته لم تدم طويلاً، فقد وضعت ابنتهما نهى، وبعد ذلك بستة أشهر توفيت نبيلة زوجته الأولى التي قال عنها : “تركت في قلبي حسرة لا تنقضي”.

قصير.. ويصادق عامل النظافة

ويختتم:” سمعته ابنته السيدة نهى حقي ذات مرة وهو يقول: “في يوم أوقفني بواب عمارتي وطلب مني أن أعطيه بعضا من ملابسي المستعملة فهو محتاج ليلبسها. وظل فمي فاغرا لأن البواب عملاق نوبي، بينما أنا.. الكل يعرفني، وأنني في زمن من الأزمنة كنت أوقع على قصصي باسم مستعار وهو “قصير”.

وذات مرة ضايق عامل النظافة ابنته نهى، فاستدعت والدها ليؤدبه، ففوجئت بهما يضحكان، وانتهى الموقف، ولم يعد العامل يضايقها، فقد نجح حقي في تهذيبه خلال لحظات، واكتسابه صديقاً، حيث كان يعيش كإنسان، ويتعامل مع الناس كفنان، لا يميز بين رجل وامرأه أو بين إنسان من طبقة دون أخرى، فالكل إنسان يجب احترامه أيا كان جنسه أو موقعه من السلم الاجتماعي.