جيرار دي نرفال.. رحالة فرنسي عشق مظاهر الحياة المصرية ودافع عن الإسلام

جيرار دي نيرفال رحالة فرنسي, قام برحلته إلي الشرق في يناير  سنة 1842، وصل إلى القاهرة في أعقاب وفاة محمد على وبداية عصر ابنه عباس. كانت نتيجة تلك الرحلة كتاب بعنوان ” رحلة الي الشرق “، بحسب ما جاء في كتاب “حكايات عابرة” للكاتب حمدى البطران، جيرار دي نرفال، واسمه الحقيقي جيرار لابروني، ولد بباريس في 28 ماي 1808؛ ابن طبيب ملحق بالجيش النّابوليوني، وأمّ فقدها وهو لا يزال صبيّا في الثانية؛ نشأ وتربّى في مورت لا فنتين بإقليم لوفلوا المنمّش بغابات وبحيرات ألهمت الرسّام كورو، شغف بشعر غوته حدّ الجنون وتحمّس للشعر الألماني ليصبح مترجما مذهلا لهذا الشعر (ترجم فوست سنة 1828).

كانت رحله دي نيرفال الي الشرق اولي رحلاته، التي بدأها وهو في اواسط العشرينات من عمره، عندما بدأ يتجول سائحًا في أوروبا، لكن رحلته إلى الشرق كانت الاوسع في حياته والاطول، وكان دي نيرفال الذي وصل فيينا اواخر العام 1839, وفيها ارتبط هناك بمجموعة من الأصدقاء من بينهم فرانز ليست، ولكي يؤمن عيشه هناك تعاون مع بعض الصحف النمسويه، غير انه بعد شهور اضطر إلى العودة إلى باريس، سيراً على الأقدام تقريباً، بسبب افلاسه.

وفي تلك الفترة أصابته أولي ازمات الجنون الذي صاحبه طوال الخمسة عشر عاماً التي عاشها بعد ذلك، إزدات قسوة أزمة الجنون بعد موت صديقته “جيني كولون” في اواخر العام 1842، راح يتنقل هائماً على وجهه فتوجّه إلى مرسيليا ومنها إلى مالطا، ومن هناك ركب البحر إلى الإسكندرية في مصر التي اقام فيها اسبوعين قبل أن يتوجه الي القاهرة حيث بقي ثلاثة أشهر توجّه بعدها إلى دمياط ومن هناك إلى بيروت، ماراً بيافا فعكا.

وهو امضي في بيروت شهراً ونصف الشهر لم يمنعه مرضه خلالهما من القيام برحلات إلى المناطق الجبلية، ثم واصل تجواله فوصل القسطنطينية حيث أقام بضعه شهور عاد بعدها إلى مالطا فنابولي.

وأثناء رحلته الطّويلة إلى الشرق سنة 1842، ازدادت قناعته بأنّ الحياة الحقيقيّة توجد في آفاق بعيدة أخرى، ولم تكن تلك الرّحلة سفرا عاديّا، فطوال المدة التي استغرقتها رحلته، حاول البحث عن لغة العالم المخفيّة؛ فكان لا يلتمس دروبا في طبيعة الشّرق الغريبة والمبهرة، بقدر ما كان يتحسّس المسالك المشرّعة على الغيب؛ ولا يهمّ أن كان ذلك الغيب ضبابيّاغائما، فهو يتجاوز الصّور المنمّطة للرّومنطيقيين إلى صحراء خياليّة كلّ شيء فيها بيّن وشديد الوضوح.

بقي نيرفال سائحا لمدّة عشرة سنوات، مستمدّا أسباب العيش من أعمال بسيطة، ومن العون الذي كان يجده لدى أصدقاءه، وأحيانا ما كان الجنون الذي يعشّش بداخله، كبومة صبورة، يجد سبيله إلى التحليق؛ ومن لحظات إشراق باهرة، وجيزة وقاسية، ستولد أعظم أعماله: سلفي، بنات النّار، وخاصّة «الأوهام» هذا الصّرح الأدبيّ الغامض الذي لا يزال ينتصب بشموخ.

وهكذا تابع نيرفال ترحاله ما بين احتجاز في المصحّات النّفسيّة وتجوال وتيه، أخيراً وصل إلى باريس مجدداً عكف على كتابه رحلته على شكل موضوعات بعنوان «ذكريات الشرق» وكان ذلك في العام 1844.

وفي العام 1848 نشر دي نيرفال الجزء الأول، الذي يضم تلك الحلقات تحت عنوان «مشاهد من الحياة الشرقية: نساء القاهرة». وفي العام التالي إتخذ العمل كله شكله النهائي تحت عنوان «رحله إلي الشرق».

وبدأ الاهتمام بالكتاب يتجدد والإقبال عليه يتزايد ليتخذ حياته الخاصة بعد ذلك، ويصبح واحداً من أشهر كتب دي نرفال. ولكنه غرق في المرض والجنون حتى يوم 26 يناير 1855مشنوقاً في شارع جانبي في باريس.

جذبت الحياة الاجتماعية في مصر، أنظار جيرار خاصة الحفلات والموالد والراقصات والعوالم وحفلات الختان ومواكب الجنازات وأسواق النخاسة ولاعبي الأفاعي والدراويش والمصارعين.

دافع جيرار عن حجاب المرأة المسلمة فذكر: “أن العلامة المميزة للمرأة المسلمة والسيدة المسلمة هي المحافظة على الفضائل “، كما دافع جيرار عن الإسلام وحاول أن يدحض الكثير من الافتراءات التي كتبها البعض من كتاب القرن الثامن عشر ومن تلك الافتراءات انه دافع عن تعدد الزوجات فقال” انه أفضل بكثير مما يفعله القساوسة في اوروبا الذين يتخذون لهم العديد من العشيقات’.

وقد حرص جيرار على تعلم اللغة العربية مما مكنه من الاطلاع على التراث الإسلامي وأعجب بتسامحه مع الأديان الأخرى واكد على تسامح المصريين وانسانيتهم وبالوفاق السائد في مصر بين المسلمين والأقباط واشتراك الجميع في جميع الاحتفالات الاسلامية والوطنية.