«بدون قانون تغيير اللاعب المصاب».. التفاصيل الكاملة لأول كأس عالم

شهدت الدورة الاولى لكأس العالم والتي اقيمت في أوروغواي العديد من المفاجآت منها أنه لم يكن قد صدر قانون تغيير اللاعب المصاب، وبالتالي لعبت فرنسا بنقص عددي، وغيرها من التفاصيل التي ذكرها ياسر ثابت في كتابه “موسوعة كرة القدم” والصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع.

يقول ياسر ثابت:” انطلقت مُباريات أولى دورات كأس العالم لكرة القدم في أوروغواي يوم 13 يوليو عام 1930.. وجرت اللقاءات في بادئ الأمر على ملعبيّ «بوسيتوس» و«بارك سنترال»، إلى أن انتهى العمل في استاد «سنتيناريو» يوم 18 يوليو.. وهو يوافق ذكرى العيد الوطني في أوروغواي.. وجرت أول مُباراة على هذا الملعب بين أوروغواي وبيرو، ثم استُكمِلَت لقاءات الدورة بعد ذلك عليه.

تم تقسيم فرق البطولة إلى 4 مجموعات، وأُقيمَت مُباراة الافتتاح بين فرنسا والمكسيك التي انتهت بفوز الفرنسيين (4-1)، على الرغم من أن فرنسا لعبت بعشرة لاعبين، نظرًا لإصابة حارس المرمى الفرنسي ألكسندر تيبو، ولعب زميله جان شانتريل، ساعد الدفاع الأيسر، مكانه؛ لأن قانون تغيير اللاعب المُصاب بآخر سليم لم يكن قد صدر بعد في ذلك الوقت.

في المجموعة الأولى، وهي المجموعة الوحيدة التي تتكون من أربع فرق، وهي: «الأرجنتين، تشيلي، فرنسا والمكسيك»، تألقت الأرجنتين بفضل مُهاجِمها البارز “غييرمو ستابيلي”. على الرغم من بلوغه 25 سنة عند بداية بطولة كأس العالم لكرة القدم 1930 التي أقيمت في أوروغواي، فإن “ستابيلي” لم يكن سبق له تمثيل منتخب بلاده من قبل، كما لم يشارك في المباراة الأولى في مواجهة منتخب فرنسا.

شارك “ستابيلي” في المباراة الثانية أمام منتخب المكسيك؛ لأن المهاجم الرئيسي روبرتو تشيرو قرر عدم المشاركة بسبب شعوره بالقلق الشديد. انتهت المباراة بفوز منتخب الأرجنتين 6-3 إذ سجل ستابيلي 3 أهداف في مباراته الأولى، مما اعتبر أول هاتريك في تاريخ بطولات كأس العالم، لكن هذا الرقم القياسي الذي استمر 76 سنة تم تغييره بقرار من الاتحاد الدولي لكرة القدم في 10 نوفمبر 2006، عندما تم الإعلان أن المهاجم الأمريكي بيرت باتينود سجل أول هاتريك في تاريخ بطولات كأس العالم قبل ستابيلي بيومين، أمام باراغواي.

وأثير جدل كبير حول الحكم أولسيس ساوسيدو، الذي كان مدربـًا لمنتخب بوليفيا في الوقت نفسه، بسبب احتسابه ثلاث ركلات جزاء في خلال مباراة الأرجنتين والمكسيك، كانت أولاها هي أول ركلة جزاء في تاريخ نهائيات كأس العالم. الغريب أن الروماني كونستانتين رادوليسكو شارك أيضـًا في تحكيم هذه البطولة على رغم أنه كان مدربـًا لمنتخب بلاده فيها.

واجتازت الأرجنتين منتخب فرنسا بهدف يتيم سجله لويس مونتي، في مُباراة ساهم الحكم البرازيلي غيلبرتو دي ألميدا ريغو في إهداء الفوز فيها لفريق الأرجنتين، بعد أن أنهى المُباراة قبل موعدها بست دقائق في أثناء انفراد المُهاجِم الفرنسي ميشيل لانغليه بالمرمى، ثم وافق على استكمالها.. ولكن بعد فوات الأوان!

في المباراة الأخيرة في المجموعة، واجه منتخب الأرجنتين منتخب تشيلي وتغلب عليه 3-1، على رغم المشاجرة التي حدثت في أثنائها بسبب ارتكاب اللاعب الأرجنتيني مونتي خطـًأ عنيفـًا ضد التشيلي أرتورو توريس. سجل ستابيلي هدفين في هذا اللقاء، الذي أهَّل منتخب الأرجنتين إلى الدور النصف النهائي.

وفي المجموعة الثانية، تصدرت يوغوسلافيا بعد فوزها على البرازيل (2-1)، وعلى بوليفيا (4/صفر). كانت البرازيل التي وضعت على رأس مجموعتها، بعثت فريقـًا يتألف أساسـًا من لاعبين من ريو دي جانيرو، وكان ذلك بسبب خلاف داخلي مع لاعبي ساو باولو. وفازت البرازيل بأريحية 4- صفر على بوليفيا بالرغم من حصول خلط وتشويش كبيرين في أثناء المباراة، ولمدة 45 دقيقة، بسبب ارتداء الفريقين قمصانـًا بنفس اللون. ومع طلب حكم المباراة، تم تغيير القمصان.

أما في المجموعة الثالثة، قثد فازت أوروغواي على بيرو بهدف يتيم سجَّلَه هكتور كاسترو، في مباراة اعتبرتها الصحافة المحلية «ذات أداء سيئ» لمنتخب بلادها، فيما أشادت بالمستوى البيروفي. اكتسحت أورغواي بعدها منتخب رومانيا 4-صفر، مسجلةً جميع أهداف المباراة الأربعة في الشوط الأول.

شهدت المباراة الافتتاحية في هذه المجموعة أول حالة طرد في المنافسات، عندما تم طرد اللاعب البيروفي بلاسيدو غاليندو في مباراتهم ضد رومانيا. فاستفيد من نقص عدد الفريق البيروفي ليُسجِّل الرومانيون هدفي الفوز في وقت متأخر من المباراة التي انتهت بنتيجة 3-1.

وفي المجموعة الرابعة هيمن المنتخب الأمريكي على مجموعته، كونه يتشكل من لاعبين محترفين من بريطانيا. أول الخصوم، كانت بلجيكا، وتم هزيمتها بثلاثة أهداف نظيفة. هذا النصر السهل لم يكن متوقعـًا؛ ما حدا بالصحيفة الأوروغوايانية Imparcial إلى كتابة تعليقها بالمباراة تحت عنوان: «بتلك المُحصّلة الكبيرة للفوز الأمريكي.. تفاجأ الخبراء بحق». أمّا في الطرف البلجيكي، فقد عبّروا عن استيائهم لسوء حالة الملعب، وتم التشكيك أيضـًا في القرارات التحكيمية، وادّعوا بعدم صحة الهدف الثاني باعتباره تسلّلًا.

في المباراة الثانية بالمجموعة، شهدت البطولة أول «هاتريك»، حمل توقيع اللاعب الأمريكي بيرت باتينود في مرمى باراغواي، وانتهى اللقاء بنتيجة 3-صفر.

شهدت شباك الدور نصف النهائي كمّـًا كبيرًا من الأهداف، فسجل المنتخب الأرجنتيني أول أهداف هذا الدور عن طريق لاعبه لويس مونتي في منتصف الشوط الأول. في الشوط الثاني، تقهقرت قوى المنتخب الأمريكي وتراجعت مع الكثافة الهجومية للأرجنتين، فانتهت المباراة بحصيلة 6- 1 لصالح الأرجنتين. تقدم بعدها الجهاز الإداري الأمريكي بشكوى على حكم اللقاء البلجيكي جون لانجينوس، لكن من دون فائدة تُرجى.

في مباراة ابتلاع الأمريكان، سجل ستابيلي هدفين وبيوسيلي هدفين آخرين، في حين سجل لويس مونتي وسكوبيللي هدفـًا لكل منهما، لتتأهل الأرجنتين إلى المباراة النهائية.

في اللقاء الثاني في الدور نصف النهائي بين يوغوسلافيا وأوروغواي، خيّمت أجواء دورة الألعاب الأوليمبية عام 1924 أرجاء الملعب. ومع أن التاريخ قد خيّب ظن اليوغوسلاف وقتها، فهذا لم يمنعهم من التقدم مبكّرًا عن طريق اللاعب دوردي فويادينوفيتش. لكن سرعان ما قلبت أوروغواي النتيجة، لتتقدم بهدفين لهدف. وبعد مدة وجيزة، سجل اليوغوسلاف هدف التعديل، لكنه لم يُحتسب لوجود تسلل. وأنهى الفريق المُضيف المباراة بإضافة أربعة أهداف في شباك الخصم، لتكون النتيجة النهائية ستة أهداف لهدف، كانت نصفها من تسجيل لاعب أوروغواي بيدرو سيا.

وعلى استاد سنتيناريو يوم 30 يوليو، وبحضور أكثر من 68 ألف متفرج، أُقيمَت المُباراة النهائية. 30 ألف أرجنتيني عبروا ريو دي لا بلاتا (نهر الفضة)، لمشاهدة النهائي وكلهم ثقة بالفوز لأن منتخب بلادهم لم يخسر سوى مباراة واحدة من أصل تسع أمام منتخب أوروغواي، لكن الأخير انتزع الفوز ببراعة، ليصبح أول منتخب من أصل ثلاثة ينهي كأس العالم محققـًا العلامة الكاملة؛ إذ نجحت كتيبة ألبرتو سوبيتشي في الفوز بالمباريات الأربع التي خاضتها في البطولة، في حين فاز منتخب البرازيل بمبارياته الست في نهائيات 1970 وعاد وكرر الأمر نفسه وفاز بجميع مبارياته السبع في نهائيات 2002.

وبعد أن تخلف أصحاب الأرض 1-2 في نهاية الشوط الأول، نجحوا في قلب الأمور لمصلحتهم في الثاني ليخرجوا فائزين 4-2، لتفرح جماهير أوروغواي بفوز مُنتَخَبها «السماوي» بأول بطولة لكأس العالم لكرة القدم، وسط أحزان جماهير الأرجنتين التي وصلت إلى أوروغواي بالقوارب عبر نهر لابلاتا لتشد من أزر فريقها.

على الرغم من خسارة المباراة النهائية فإن ستابيلي (الذي سجل الهدف الثاني لبلاده في النهائي) حقق إنجازًا تاريخيًّا بتتويجه هدافـًا للبطولة بمشاركته في 4 مباريات. بعد نهاية البطولة لم يشارك ستابيلي مجددًا مع منتخب بلاده على رغم المعدل العالي لتسجيله للأهداف وهو هدفين في كل مباراة.