Site icon مباشر 24

الملهمة «أوبرا وينفري».. تفاصيل عن أول مليارديرة أمريكية من أصول إفريقية

اوبرا وينفري هو الاسم الأشهر في أمريكا والتي استطاعت أن تتغلب على محنتها، وترجع بقوة لتصبح اقوى سيدة في العالم، وفي كتابها الصادر عن دار دوِّن للنشر والتوزيع تحت عنوان “موسوعة المشاهير.. الجزء الثاني».. تذكر المؤلفة هايدي عبد اللطيف العديد من الحكايات والتفاصيل عن حياة الإعلامية الشهرية.

تقول هايدي عبدا للطيف:” تعتبر أوبرا وينفري النموذج لرحلة الكفاح الحقيقية، صعدت من قاع المجتمع لقمته..  عانت كثيرا في طفولتها ومراهقتها  لكنها كانت قوية وتغلبت على قسوة الحياة.. وأصبحت أشهر مذيعة وإعلامية في العالم.. تملك قناتها التلفزيونية الخاصة وشركة لإنتاج البرامج ومجلة اجتماعية.. تحتل منذ سنوات قمة صناعة الترفيه في العالم حيث تعد الأكثر ثراء بين المشاهير، وأول أميركية من أصول أفريقية تصبح مليارديرة، بثروة تقدر بنحو 3 مليار دولار، وفقا للائحة مجلة «فوربس» الاقتصادية المعروفة.. المذيعة السمراء اللامعة أوبرا وينفري.. اشتهرت بحضور متميز و«كاريزما» لا نهائية، وحب لا محدود للأعمال الخيرية.

قدمت أشهر البرامج الحوارية اليومية على مدى أكثر 25 عامًا على شبكة تليفزيون « إيه بي سي»، قبل أن تتوقف في 2011، ثم تعود لتقديمه مجددا على قناتها التلفزيونية الخاصة(أون).. حصل برنامجها على 48 جائزة إيمي، أشهر الجوائز التليفزيونية الأميركية، وشاهده الملايين في جميع أنحاء العالم بعدما أذيع على أكثر من 120 قناة تليفزيونية.. عملت بالتمثيل باعتباره هواية جانبية ومع ذلك رشحت لجائزة الأوسكار..

برغم وصولها للشهرة والنجومية لم تنس الفقراء والمحتاجين وعرفت بأنها من أكثر المساهمين في الأعمال الخيرية والأكثر كرمًا أيضًا، مشروعاتها الخيرية تغطي خريطة العالم.. من أمريكا إلى جنوب أفريقيا، وأخيرًا الشرق الأوسط. أنشئت عام 1998 مؤسسة « Oprah’s Angel Network”،  لدعم ومساندة المشروعات المختلفة وتمويل المنظمات الإنسانية غير الحكومية حول العالم. كما تقدم جائزة “استخدم حياتك” وقيمتها 100 ألف دولار أميركي للأفراد الذين يستخدمون حياتهم لتحسين حياة الآخرين، واستخدمت برنامجها دائمًا للترويج للعديد من النشاطات الخيرية التي تدعمها، كما قامت بإنشاء أكاديمية القيادة للفتيات في جنوب أفريقيا بالقرب من جوهانسبرج. لتستحق أوبرا وينفري بالفعل أن يطلق عليها سيدة الخير ليس فقط بسبب عملها الإنساني والخيري وإنما أيضًا لتأثيرها الكبير في حياة الآخرين.

مدرسة جديدة

ساهمت بمهنتها الإعلامية في تغيير حياة أشخاص لا حصر لهم، أولهم نفسها.. تردد دوما،» إن الأشياء التي تخاف منها لا سيطرة لها عليك. بل خوفك منها هو المسيطر. واجه الحقيقة لتصبح حرًا.» عاشت وينفري مأساة عائلية حقيقية اعترفت بها بعدما أصبحت مذيعة مشهورة لتتخلص من أية عقد ترسبت في طفولتها وتستمتع ببقية حياتها. وساعدت الكثيرين على طرد مخاوفهم واستضافت نجومًا تحدثوا في برنامجها عن كل شيء وأفضوا بكل أسرارهم.

أطلقت صحيفة «وول ستريت جورنال» على أسلوب أوبرا في التخلص من المخاوف والعقد المسيطرة على المرء مصطلح « أوبرافيكيشن» واعتبرته طريقة علاجية نفسية علنية، ومدرسة إعلامية جديدة. وقالت مجلة تايم، «إن أوبرا خلقت شكلا من أشكال الاتصال الجماهيري اسمه حديث الألفة، وليس الحديث الإخباري أو التقريري، حيث تصبح جزءا من ضيوفها.. بل ويمكن أن تبكي مع بعض ما تقدمه من شخصيات تمثل قمة المجتمع حتى قاعه». والغريب أن ضيوفها يحكون لها ما لم يخطر على بالهم وهو ما جعل بعض النقاد يقولون إن برنامجها بمثابة جلسة للعلاج النفسي يتطهر فيها الضيف والمذيعة أيضًا.

  تمييز عنصري

عملت بالتمثيل كهواية لكنها قدمت أدوارًا متميزة ارتبطت أغلبها بكفاح الأميركيين من أصول أفريقية، وكان دورها في فيلم «اللون القرمزي» رمزًا لمعاناة الزوجة الأميركية خصوصًا السمراء.  واعتبرت وينفري مساهماتها التمثيلية وكأنها صرخة احتجاج على التمييز العنصري تجاه الأميركيين من أصول أفريقية بوجه عام أو المرأة بوجه خاص. وتعترف دوما أنها سعيدة بوجودها في زمن استطاعت أن تحقق فيه أحلامها في حين عانى أسلافها وخصوصًا النساء بقايا آثار العنصرية وكانت لديهن أحلام وتطلعات وآمال رغم أنهن لم يحصلن على شىء.

برغم ذلك تسبب لها بشرتها السمراء أحيانًا مشكلات تتعلق بالتمييز العنصري، كما حدث معها في إحدى سفرياتها، وكانت في سويسرا، ورفضت بائعة في أحد المتاجر ين تبيعها حقيبة يد من تصميم توم فورد ثمنها 38 ألف دولار. وقد روت وينفري الواقعة في برنامجها معتبرة أن البائعة لم تتعرف على شخصيتها وتعاملت معها بأسلوب تمييزي. اعتادت وينفري الصراحة في برنامجها، ما يجذب المشاهدين حيث يشعرون إنهم أمام شخصية حقيقية غير مزيفة، وقد تسببت اعترافاتها بما عانته في طفولتها الفقيرة البائسة والتحرش والاعتداء الذي تعرضت له في رفع شعبيتها وجماهيريتها.

طفولة قاسية

ولدت أوبرا غيل وينفري في 29 يناير 1954، لأم مراهقة غير متزوجة، اختارت لها والدتها اسم أورباه المأخوذ من إحدى قصص الكتاب المقدس ولكنه تحول لأوبرا لصعوبة الاسم ولخلط المحيطين بها بين الحروف. عاشت سنواتها الأولى في كنف جدتها لأمها في مزرعة بولاية ميسيسيبي بينما كانت أمها تبحث عن عمل، وعلى الرغم من شظف العيش مع جدتها إلا أن الجدة اهتمت بها وعلمتها القراءة مبكرًا حتى أنها كانت في عمر الثالثة تتلو أبياتًا من الشعر وأجزاء من الإنجيل في كنيسة بلدتها، وكانت تعيش برغم الفقر في بيئة محبة من جدتها والمجتمع المحلي وحظيت بالاهتمام كطفلة موهوبة.

جاء التغير نحو الأسوأ عندما ذهبت في عمر السادسة لتعيش مع والدتها التي كانت تعمل خادمة حيث تعرضت أوبرا من سن التاسعة وحتى الثالثة عشر إلى التحرش المستمر من أقرباء لها بسبب غياب أمها المستمر عن المنزل وهو ما أدى إلى أثر نفسي مدمر عليها ومحاولتها الهرب، وتسبب ذلك في احتجازها بمنزل رعاية الأحداث ثم طردها منه لاحقا بعمر 14 عامًا. كان عليها الاعتماد على نفسها ولكنها كانت شديدة الاستهتار في مراهقتها حتى أنها حملت في هذا السن وأنجبت طفلًا مات رضيعًا، بعدها ذهبت لتعيش مع والدها في ولاية تينيسي.

سنوات حاسمة

كان حزم والدها في التعامل سببًا في تغييرها للأفضل وسعيها نحو الكمال ومحاولة تحقيقه وألا ترضى عنه بديلًا، صارت طالبة متميزة وحصلت على جوائز في مجالات الخطابة والإلقاء الدرامي. في عمر السابعة عشر، حصلت على لقب ملكة جمال تينيسي للسود وعرض عليها وظيفة في إذاعة محلية في بلدتها ناشفيل، كما حصلت على منحة كاملة لجامعة الولاية، حيث تخصصت في فنون الأداء والاتصالات، وظلت تعمل في الإذاعة المحلية أثناء دراستها الجامعية، وبمجرد تخرجها عملت بمحطة تليفزيون محلية كمراسلة ومذيعة أخبار.

انتقلت في العام 1976 إلى بالتيمور لتعمل في برنامج حواري كمذيعة مساعدة وانتشر صيتها بعدها ليتم دعوتها في 1984 إلى شيكاغو لتصبح مقدمة برنامج صباحي وفي أقل من عام كانت قد غيرت البرنامج المسمى « AM Chicago» من برنامج ضعيف المشاهدة لأهم برنامج في الولاية، وفي عام 1985 سمي على اسمها؛ “برنامج أوبرا وينفري”.

الوصول للقمة

حقق برنامجها الحواري اليومي نجاحًا محليًا كبيرًا وخلال عام كان يذاع على المستوى الوطني المحلي، وفي عام 1987 حصل البرنامج على ثلاثة جوائز إيمي وجائزة في العام التالي. في الوقت الذي وقعت فيه أمريكا في حب المذيعة السمراء، كانت قد جذبت الأنظار إليها بتمثيل دور صوفيا الزوجة الأبية في رائعة ستيفن سبيلبرج «اللون القرمزي»،وأنشئت شركة الإنتاج الخاصة بها في 1986 باسم «هاربو»، النطق المعكوس لحروف اسمها «أوبراه»، وفي عام 1988 حصلت شركة هاربو على حقوق إنتاج برنامج أوبرا وينفري لتصبح أوبرا أول امرأة في التاريخ تملك وتنتج برنامجها الحواري الخاص.

في البداية كان برنامج أوبرا مثل باقي البرامج الحوارية النهارية التي تتبع القصص الساخنة وغيرها لجذب المشاهدين ولكن منذ بداية التسعينات بدأت أوبرا في التركيز على القيم الروحية وطرق الحياة الصحية ومساعدة النفس وأصبح برنامجها أكثر شعبية من أي وقت مضى. وتم تسويقه عالميًا لتصبح أوبرا وينفري اشهر إعلامية أميركية يذاع برنامجها على 120 محطة في مختلف دول العالم. ولم تقتصر شهرتها على العمل التلفزيوني بل امتد نشاطها إلى أكثر من مجال، فهي تصدر مجلتين يحملان اسمها هما من أكثر المجلات توزيعًا.

أهم الضيوف

كان صعود أوبرا وينفري السريع وفي سنوات قليلة مفاجئًا حيث لم يتوقع أن تصبح أميركية سمراء أفضل مقدمة برنامج تليفزيوني في مجال يسيطر عليه الرجل الأبيض. وأشاد النقاد بأسلوب وينفري وطريقتها في تقديم برنامجها حيث قالوا إنها تختلف عن غيرها من المذيعات فهي تتحدث إلى جمهورها بصراحة وفي كل شيء، عن تفاصيل حياتها بما فيها من أفراح وأحزان، عن مشاكلها العاطفية وأخطائها.

استضافت أوبرا في برنامجها أهم وأشهر الشخصيات في جميع المجالات، مثلا سجل برنامجها أعلى نسبة مشاهدة في التاريخ عام 1993 بمقابلتها مع نجم البوب الراحل مايكل جاكسون حيث وصلت نسبة المشاهدة لهذه المقابلة 100 مليون مشاهدة. كما أعلن في برنامجها النجم توم كروز عن حبه للممثلة كيت هولمز بل وتقدم طالبًا يدها أمام على الهواء.

وعلى مدى 25 عاما، تضمنت كل حلقة مفاجأة تتحدث عنها الصحافة لأيام وأسابيع. ولم تكن أوبرا بعيدة عن السياسة فعندما شنت أمريكا حربها على العراق قدمت حلقة أدانت فيها الغزو، كما كانت أكبر داعم لحملة أوباما الرئاسية حيث ذكرت الصحف أنها تسببت في جذب أكثر من مليون صوت إضافي ساعده في الترشح عن الحزب الديمقراطي والفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2008.

اعتزال وعودة

قدمت أوبرا أيضًا في برنامجها ضيوفًا دائمين أصبحوا نجومًا لاحقًا في برامج أخرى أنتجتها شركتها الخاصة، ومن أشهر الأسماء د. أوز، ود. فيل ماكجرو. وبعد أكثر من ربع قرن من النجاح على محطة « إيه.بي.سي»  أعلنت أوبرا في مقابلة تليفزيونية في برنامج  المذيع الشهير لاري كينغ الشهير قرارها بإنهاء برنامج أوبرا وينفري، وبالفعل كانت الحلقة الأخيرة من البرنامج في 9 سبتمبر 2011 بعد 24 موسمًا وأكثر من 5000 حلقة.

وتفرغت لقناتها الخاصة « أون» ( OWN)  التي كانت قد أطلقتها في مطلع العام وتحديد يوم 1 يناير 2011، وعادت أوبرا لتقديم برنامجها الحواري اليومي على قناتها الجديدة تحت عنوان “دروس الحياة من أوبرا”، لتستمر أوبرا في عطائها وفي الحفاظ على العديد من ألقابها، فهي كانت ومازالت أعلى المذيعات أجرًا في التليفزيون وأغنى امرأة عصامية في أميريكا والأكثر ثراء في لائحة المشاهير المائة للمجلة فوربس للعام الخامس على التوالي وأغنى امرأة أميركية أفريقية في القرن العشرين، كما لقبت بأكثر النساء قوة في العالم.

Exit mobile version