من حق أي نائب أن يكون لديه من الطموح لكي يضع نفسه على سدة المجلس النيابي الموقر، من حق أي نائب أن يترشح لأي منصب أيًا كان تحت قبة البرلمان، لكن ليس من حق أي أحد أن يحاول النيل من الصور التي انتشرت في الصحف وعلى المواقع التي تتنافس على مقاعد بعينها، ليس من حق أي أحد التهكم على أسماء محددة، أو على أحقية بعضها في منصب هو تكليف وليس تشريفًا، ليس من حق أي أحد أن يحاول اغتيال بعض الذين يمثلونا معنويًا من قبل أن يبدأوا العمل تحت سقف المجلس المهيب، وليس من حق كائن من كان أن يحاول التقليل من أهمية السادة النواب في التشريع والمراقبة على الأداء وفي إصدار القوانين التي تناسب طبيعة المرحلة الراهنة.
في المقابل لابد وأن يدرك النواب بأنهم ليسوا في مهمة سياحية، أو في نزهة على الهامش من المجتمع، أو في رحلة البحث المستمر عن وجاهة اجتماعية أكثر مما هي مسئولية وطنية.
في المقابل لابد وأن يتواصل النواب مع ناخبيهم، وألا يقاطعونهم بمجرد أنهم حصلوا على الأصوات المطلوبة، في المقابل لابد وأن يكون النائب عند حسن ظن الناخب، ألا يخيب أمله فيه، وألا يندم أشد الندم بأن صوت الحق ذهب إلى ما لا يستحق.
في المقابل معادلات وأرقام وأدلة على أن البعض وللأسف الشديد من النواب تقطعت بهم السبل مع ناخبيهم، وعدوهم بالمن والسلوى، بالشمس في يد والقمر في الأخرى، لكن وبعد أن يجلسوا على “كراسيهم الموسيقية”، ينسون تمامًا الوعود، ويتناسون بشكل فاضح ما قطعوه على أنفسهم تجاه الأصوات التي هي أمانة في العنق لكنها ذهبت إلى ما لم يفهموا في أهمية الصوت الانتخابي، وما لم يدركوا أن هذه الأمانة هي أمام الله، والقيادة والمجتمع، وأنها أمام الضمير الحي لا يمكن قسمتها على أية معادلات، وأية مراهنات، أو أية طموحات.
في المقابل وجدت شخصيًا البعض من المترشحين الذين فازوا بالمقاعد التي حلموا بها وهم يديرون ظهورهم لمن وقفوا بجانبهم، ووجدت من بين ما وجدت أن هناك بعض النواب سواء في المجالس السابقة أو خلافه، يغيرون أرقام هواتفهم، وفي أحسن الأحوال يصبح الرقم المتداول بين أيادي سائق السيارة أو شغالة في المنزل، أو أحد الموظفين الذين يعملون لدى النائب الموقر بعد الفوز طبعًا بالمقعد الوثير.
وجدت والعهدة على المشاهدات وليس على الرواة أن البعض بدأ لا يرد على الهواتف النقالة ويكتفي برسالة صوتية، أو مكتوبة على الواتس آب أو المسنجر، أو حتى على الانستغرام، ووجدت من بين ما وجدت الكثير من النواب الذين وعدوا بالالتقاء مباشرة مع أهالي منطقتهم لكنهم اكتفوا “بعزومة” على العشاء وكأن الناخب لا ينقصه من نائبه سوى وجبه “ترم البدن”، على طريقة “حسنة قليلة تمتع بلاوي كثيرة”.
الحسنات ممنوعة يا أصدقائي النواب، والهدايا أيضًا غير مسموح بها، كل ما هو مسموح به أن ينزل النائب إلى الشارع الذي منحه الصوت الأمين، أن يتواصل النائب مع مشكلات دائرته، وقضايا بلاده، وأن يبتعد تمامًا عن اللافتات وإثارة المشاعر والضرب على وتر الحاجات الملحة الحساس.
الصحفيون أيها السادة لديهم حقوق لم يحصلوا عليها ولن يحصلوا عليها أبدًا، لأنه لا يوجد نائب يجد أنه من حق الصحفي تقاعد يحفظ الكرامة، وسكن ملائم في نهاية العمر، لأن النائب يبحث مثلما حدث من قبل عن معاشه التقاعدي هو، وأن يكون هذا المعاش مناسب لكلمة “سعادة”، ولدور سعادته في التشريع والتسريع بإنفاذ القوانين وإيجاد حلول ناجعة للعديد من مشكلات وقضايا المجتمع.
لدينا أزمة اقتصادية تقترب بخطى شرسة، لكن مازال بعض نوابنا لا يعترفون بأن أزمة على الأبواب، وأن النفط سوف يواصل ارتفاع أسعاره، وأن رغد العيش قادم لا محالة.
يعتقدون ذلك رغم أن البحرين دولة خدمات، وليست دولة نفطية بامتياز، ويقولون أننا في وادٍ والعالم في وادٍ آخر، وعلى ما يبدو أنهم نسوا أو تناسوا أنه حتى إذا ارتفعت أسعار النفط رغم الركود الماحق إلا أن أسعار كل شيء في الدنيا سوف ترتفع، وأن التضخم سوف يفرد أجنحته على جميع الدول من دون تفرقة أو استثناء، نفطية كانت أو غير نفطية، وأن الحاجة للنماء المستدام الحقيقي وليس الذي يأتي على أسنة الشعارات هو الذي يجب أن يتقدم الصفوف، وهو الذي ينبغي الاعتراف بأهميته وفق برنامج زمني، وليس وفق ندوة من هنا ومؤتمر من هناك.
أمام النواب العديد من الملفات بعضها شخصي ويرتبط بالسلوك والممارسة وحفظ الوعود، وبعضها مجتمعي ويرتبط بقضايا الوطن واستحقاقات فئاته المهضوم حقها، وتلك التي تسعى لتعيش أيامًا أجمل.
نقلًا عن جريدة الأيام البحرينية